Suivez nous

Lettre de Paris

ناصر جابي :من مفكر كبير منبوذ إلى نجم تلفزيوني رغم عنه

Publié

le

ناصر جابي

لا يعتبر كلامي صحيحا الا من يكره المفكر الاجتماعي الكبير ناصر جابي كرها شديدا ويحقد عليه ،ومن هؤلاء الكثير من رموز العصابة الحاكمة التي منعته من إلقاء محاضرة في الاوراس قلعة الثوار بعد تاريخ مجيد من النضال الطلابي الذي تكلل في آخر المطاف باستقالة من الجامعة التي ناضل فيها قبل أن تتحول إلى وكر للتردي والولاء السياسي الاعمى والفساد غير المسبوق علميا وأخلاقيا.

اكتب هذه المقدمة وفي ذهني مفارقة المفكرين  الباريسيين الذين تحولوا إلى نجوم تلفزيونيين ليس للوقوف مع الشعب كما يفعل المفكر جابي منذ اندلاع ثورة الجزائر الثانية لكن لحماية مصالح اوليغارشية ماكرو الناعمة التي تمول قنوات تلفزيونية خاصة احتقرت انتفاضة السترات الصفراء كما احتقرت قنوات النظام الرسمي عندنا ثورة الشباب ومنعت تعبير الحراك في بداية الامر قبل ان تتوب مكرهة وغير مخيرة كما اخبرتني الزميلة العزيزة نورة بن شيخ مراسلة قناة ام بي سي سابقا والتي سعدت بمجالستها بعد انقطاع طويل  حول قهوة في رويبة ذاكرة شبابي الجميل  ،وحضر اللقاء الزميل والنجم التلفزيوني السابق والشاعر والصحفي الشقي السعيد حمودي والسعيد السعيد  مقدول الذي تحول الى صديق كل زملاء المهنة بحكم هوسه السياسي ورفضه كل نقاش هادىء حول خصلة ايجابية واحدة للرئيس المصر على المضي في مشاريعه في شكل سيزيف عصري لا يبالي بصخرة شباب تتدحرج بسرعة على كل من يعترض طريقها .

اعود للمفكر جابي ، فأقول انه أعاد للشاشات العربية وبعض الجزائرية وهجا عقلانيا يخفف من وطأة كرنافلية الندوات التي يتدخل فيها معارضون موالون يدفع خطابهم إلى التقيؤ  ، ومعارضون غير موالين يشتمون وكأنهم في قارعة الطريق بدل التحليل بهدوء وكشف المستور بمرجعيات نظرية تعطي مصداقية لكلامهم وتستشرف مستقبل صراع السلطة مع الحراك الشعبي الشباني الأول من نوعه في تاريخ الجزائر المعاصر . المفكر جابي غير الباحث عن الأضواء بحكم مزاجه وأخلاقه وتخصصه وادوات عمله،وجد نفسه ورغم أنفه نجما تلفزيونيا من الطراز الذي يدفعنا إلى التشكيك في سلامة نظرية المحلل الاجتماعي الفرنسي الراحل الكبير بيار بورديو الذي اشتهر بطعنه في وباء التلفزيون الذي يسمم الجماهير على ايدي محتكريه من أرباب المال والاعمال .

ولأنه هاديء الطبع وعميق الفكر ومتخلق كمحاور مثله مثل الكبير الآخر المحامي والحقوقي السيد مصطفى بوشاشي ، لم يكن بروز ه تلفزيونيا ونجاحه في التأثير الإيجابي على الحراك الشعبي مسألة عادية وبسيطة،والتلفزيون المحسوب على الصورة المغناطيسية (التي يعول عليها حكام الأنظمة الشمولية لتحريف مجرى التحديات)  وجد نفسه في ورطة وجودية لا يحسد عليها .المفكر جابي الأكاديمي الخارج من معطف استاذه الكبير علي الكنز قتل الصورة التي توهم وتضلل وتفبرك إلى حد الكذب والتموييه ،وأحيا الكلمة العلمية التي تخاطب العقول وليس المشاعر ،وادخل أخلاقيات نقاش تلفزيوني بارد يحترم المفكر جابي من خلاله أبواق نظام الديناصورات واعداء الرصانة والرزانة من المعارضين الذين يكتفون عادة بكلام ذاتي يقطر تسرعا منافيا لكل حوار تحليلي يقوم على المعرفة الشاملة كما يفعل المفكر جابي النجم التلفزيوني الذي بدأ يدفع ثمن نجومية تفسد وتعكر صفو حياته الخاصة مثل ما حدث لجورج كلوني والآن دولو وجيمس دين .محظوظ الأستاذ جابي في جزائر غياب مصوري النجوم (لي بابرازي ) ولو كان هذا النوع من المصورين يشكل تقليدا صحفيا قديما في بلادنا لاضطر المفكر جابي في الشهور  الجميلة التي تنتظره  في ظل التحول السياسي والتاريخي الذي سيطول إلى أن يختفي تحت باروكة تخف صلعته البهية الناصعة!

Publicité
Cliquez pour commenter

Laisser un message

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *