Suivez nous

Lettre de Paris

حينما تنافس بريجيت باردو الفيلسوف التلفزيوني فينكلكروت قبل ظهور ميشال أوفري المنير

Publié

le

Michel Onfray ميشال أوفري

لم يحدث منذ أن أقمت في باريس قبل 28 عاما (التي تقدم فقط كعاصمة أنوار ر وليس كعاصمة  ظلمات أيضا كما يثبت هذا المقال)، أن فجعت بتحيز الإعلام بوجه عام والتلفزيون بوجه خاص إلى الأقوياء ضد الضعفاء الذين يشوهون هذه الأيام بأساليب بشعة ونتنة على أيدي اقلية من المثقفين التلفزيونيين الذين تحولوا إلى أنبياء عصر هم .

هذه الأقلية  تشكلت في العقود الأخيرة، من برنار هنري ليفي الذي دخل الجزائر في عز الإرهاب تحت الحماية كما دخل ليبيا غازيا وموجها وناصحا الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، واريك زمور الذي ينام ويستيقظ منددا بالغزو العربي والإسلامي و الإفريقي لفرنسا النقاء العرقي والحضاري، وآلان فينكلكروت الذي فسر انتفاضة الضواحي عام 2005 بهذا الغزو وألف كتاب « الهوية الشقية » الذي زاد من بحبوحته المالية كما زاد كتابا : »انتحار فرنسي »، و »مصير فرنسي » لاريك زمور من ثروته  المالية التي جمعت باسم الفكر الحر المعادي ليسار شوه تاريخ فرنسا في تقديره. وهو اليسار الذي لا يقل تشويها  للهجرة والإسلام من يمين الثلاثي المذكور استنادا لماركنتلية السياسة التي عادت قبل أمس حينما دعا الحزب الاشتراكي إلى مظاهرة في ساحة الجمهورية تنديدا بتنامي معاداة السامية في المجتمع الفرنسي وفي صفوف السترات الصفر.

الحزب الاشتراكي المتهالك والمفلس وحتى يعود الى الواجهة السياسية راح يوظف التلفزيون لمنافسة ماكرون في ضرب السترات الصفر باسم معاداة السامية. ولعل التغطية التلفزيونية المجنونة للقنوات الخاصة التابعة لرجال الأعمال والمال للمظاهرة التي جمعت أنصار ماكرون والمعارضة اليمينية واليسارية، خير دليل على توظيف مكيافليلي لمعاداة السامية استعدادا لمحاصرة اليمين المتطرف لمارين لوبان في الانتخابات الأوروبية، خلال شهر ماي، من جهة واختراق وإضعاف وقتل انتفاضة السترات الصفر من جهة أخرى.

حتى يبدو التلفزيون الفرنسي ديمقراطيا (وهو بالفعل كذلك شكليا)، استضافت صونيا مبروك في قناة « سي نيوز » الفيلسوف الحقيقي الكبير ميشال أوفري. وبدل الظهور كصحفية محايدة، راحت تجاهد كقاضية ماكرونية، مطبقة خريطة طريق الدعاية وليس الإعلام لإحراج وزعزعة مفكر لم يضف جديدا عند حديثه عن توظيف معاداة السامية (كاختصاص سياسي خاص باليمين المتطرف) تاريخيا  تارة والإسلام الإرهابي تارة أخرى لغلق الطريق اليوم  أمام زعيمته الذكية مارين لوبان، كما تم مع والدها الأقل ذكاء والأكثر عنجهية وتهورا. الأمر الذي فهمت خطورته التكتيكية و قضت عليه ابنته التي حظيت أمس بكاميرات تلفزيونية تعاديها وهي تقف خاشعة أمام قبر الشاب ايان حليمي.

المفارقة التلفزيونية  التراجيكوميدية  التي جسدتها قناة سي نيوز، التي تنافس قناة « بي افم » بدعاية شرسة على يد باسكال برو، تمثلت في ظهور بريجيت باردو نجمة الاغراء الشهيرة وسط حشد كبير من أصحاب السترات الصفر معبرة عن تأييدها المطلق واللامشروط لهم. وهو التأييد الذي شكل مصدر سخرية معظم معلقي برنامج « ساعة المحترفين » والذي تخصص منذ ثلاثة اشهر في تشويه ومحاربة السترات الصفر.

تراجيكوميدية منشط هذا البرنامج الذي نجح في منافسة الفترة الصباحية لقناة « بي اف ام » لم يفكر في إستضافة باردو رغم شهرتها لأنها أيدت السترات الصفر، وراح يحارب بطلهم الذي فقد عينه اليسرى وجها لوجه

فرنسا المواطنين الواعين والناضجين فكريا رغم أنهم لم يتخرجوا من لينا (المدرسة الوطنية للادارة) التي تخرج منها كبار المسؤولين، هي فرنسا الكرامة  الانسانية التي أعشقها. وفرنسا الكرامة الإنسانية هي التي حطمت ترسانة الدعاية التلفزيونية وحاربت كل أنواع الاختراق المخابراتي والسياساوي المكيافيلي. كما برهن على ذلك المنتفض الأصفر الذي لم يكن من المتطرفين المعادين للسامية وهو رمز أغلبية عناصر السترات الصفر الذين كشفوا عن المستور في كواليس مؤامرة، يوصف المؤمن بها بالساذج غير المسؤول والمعتوه ذهنيا والمعادي للسامية حتما.

أنا لست فيلسوفا وخبيرا بتفكيك شفرات المؤامرات والمقالب المكيافليلة مثل ميشال أوفري، واحتراما لحدود فكري مقارنة به أكتفي بالاختفاء تحت عباءته الفكرية والحرة التي كشفت تلفزيونيا أيضا عن الأسباب الحقيقية والعميقة لتنامي معاداة السامية.

وكما قال : « شرح وتفسير الظاهرة لا يعني تأييدها ». هذا ما يجب أن يقوله يوما ما ميشال أوفري لعدد كبير من مثقفينا المتنورين المعادين للإسلاميين فقط والساكتين على تحليل أوفري والمتحمسين لدعاية المثقفين التلفزيونيين في فرنسا !.

بوعلام رمضاني

Publicité
Cliquez pour commenter

Laisser un message

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *