Suivez nous

Lettre de Paris

السترات الصفراء : بطاقة حمراء ضد قنوات بارونات المال

Publié

le

gilets jaunes السترات الصفراء
AFP

يمكن لفولتير صاحب مقولة : » قد أختلف معك في الرأي لكن أدفع حياتي ثمنا لكي تعبر عن رأيك  » أن يندب بقرداش حديدي، ويمكن للمنظر الكندي الكبير مارشال ماكلوهان أن يتباهى في قبره لأن مقولته الخالدة  » الوسيلة هي الرسالة  » التي تكونت على إيقاعها في معهد العلوم الإعلامية والسياسية في الثمانينيات مازالت أنية أكثر من أي وقت مضى من منطلق التنظير للتأثير الذي يحدثه التلفزيون كوسيلة تختلف في طبيعتها عن الصحيفة والراديو تحت وطأة الصورة التي تفوق بقوتها ألاف الكلمات .

لا فولتير ولا مفكر آخر من الموتى والأحياء يمكن أن ينقذ فرنسا اليوم من تهمة الولاء الأعمى التي أصبحت تمثله قنوات تلفزيونية خاصة تجاوزت الحد الأدنى من الموضوعية الإعلامية التي ازدادت خرافية بعد أن كان يعتقد البعض أن القنوات العمومية التابعة لحكومات الدول الشمولية هي وحدها التي تسمح بتمرير رأي الدكتاتور أو الملك أو الحاكم الجملوكي على حساب ناس الأصقاع السفلى على حد تعبير الكاتب المسرحي المصري نعمان عاشور .

قوة نظرية  » الوسيلة هي الرسالة  » اللصيقة بقوة التواصل المرئي من خلال التلفزيون المتوجه لكافة الشرائح الاجتماعية على مدار الساعات والفصول، هي التي أحيت ذكرى المفكر الإعلامي الكندي الكبير الذي كشف عن عورة قنوات تلفزيونية محسوبة على حكم ماكرو غير الشمولي ولكن المحسوب على بارونات مال أصبحوا خطرا أحمر على جمهورية فولتير بعد أن كشف حملة السترات الصفراء تحيز ثلاث قنوات « لعشتر أو ملك الألهة  » بشكل لا يختلف كثيرا في نتيجته وجوهره عن القنوات التلفزيونية المسبحة بحمد حكام العالم الثالث حسب تصنيف ألفريد سوفي .

شعرت بهذا الخزي مرارا وبمرارة غير مسبوقة وأنا أتابع انتفاضة السترات الصفراء داخل  » قشابيتي  » الدافئة عبر قنوات  » بي أف م  » و  » سي نيوز » و  » أل سي إي  » التي تجندت على مدار الساعات لتشويه الإنتفاضة مركزة على التجاوزات غير القانونية ومراهنة على انقسام المنتفضين ومعتمدة على محللين معادين للمظاهرات وناسبة بعض أصحابها في الأخير إلى المعادين للسامية بعد أن تظاهر الممثل الشهير ديودونيه مرتديا هو الاخر القميص الأصفر مجسدا لحن و لون المقنين الزين ومكرما الراحل الكبير عمار الزاهي .

ندد بقنوات العار المذكورة حسب تعبير كل المتظاهرين بطلهم الأكبر إريك دروييه الذي قرر مؤخرا عدم الرد على دعواتها المتكررة والإعتماد على فيديوهات زمن المواطن والمنتفض الصحفي مكرسا أكثر من أي وقت مضى نظرية ماكلوهان، وقال دروييه عبر يو تيوب حسب صحيفة ليبراسيون : » مسؤولو  » بي أم تي في  »  » يعيشون كبتا مرعبا بعد أن رفضت الرد على مليار اتصال ، وشوهد فيديو الرجل الذي اعتقل بسبب الدعوة الى التظاهر غير المرخص قبل أن يطلق سراحه 30000 الف مرة .

في زمن الإعلام الحر الذي يقض مضاجع المستبدين القساة والناعمين والغني بإيجابياته وسلبياته المفتوحة على كل الإحتمالات والفرضيات الممكنة لم يعد بإمكان الحكومات لجم كل أنواع المنتفضين بغض النظر عن اتفاق أو إختلاف هذه النسبة أو تلك من الناس معهمإن مثال تحيز القنوات المحسوبة على المركب المالي والصناعي للحكومة الفرنسية بشكل حول الصحفي إلى ناطق رسمي باسمها كما شهدت على ذلك أكثر من مرةيعد إعلان حرب إعلامية أولى من نوعها بين حكومات مدججة بوسائل وإمكانات تكنولوجية ومالية وإعلامية كبيرة وبين مواطنين صحفيين ضعاف نظريا لكن أقوياء تطبيقيا من وجهة نظر مارشال ماكلوهان  » الوسيلة هي الرسالة «  .

لقد بلغت رسالة الضعفاء سابقا والاقوياء حاليا إلى الأقوياء سابقا والضعفاء حاليا عبر الصورة وليس الكلمة فقط كما هو الحال عبر الصحيفة والراديو . إريك دروييه سجن لكن أطلق سراحه في بلد يبقى ديمقراطيا رغم هناته وتجاوزاته.

Publicité
Cliquez pour commenter

Laisser un message

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *